مفهوم الجغرافيا المناخية
الجغرافيا المناخية: هي فرع من فروع الجغرافيا الطبيعية التي تدرس الغلاف الجوي، وعناصر المناخ والطقس المتمثلة في الإشعاع الشمسي، والحرارة، والضغط الجوي، والرياح، والتبخر، والرطوبة، ومظاهر التكاثف، وما يحدث من اضطرابات جوية، ومدى تأثيرها على مختلف مظاهر الحياة.
مفهوم المناخ والطقس
عناصر المناخ الإشعاعية والحرارية
أولاً : الإشعاع الشمسي
يعد الإشعاع الشمسي الصادر من الشمس على شكل موجات كهرومغناطيسية أحد أهم عناصر المناخ المؤثرة في سطح الأرض وما عليها من كائنات، وعلى الرغم من الكمية الكبيرة لأشعة الشمس الصادرة، إلا أن كمية بسيطة منها تصل إلى الأرض، بسبب تعرض جزء كبير منها للامتصاص، والانعكاس والتشتت، وهذا الجزء البسيط الواصل للأرض يزودها بحوالي 99.97% من إجمالي الطاقة الحرارية، بالإضافة إلى الضوء.
تقسم أشعة الشمس إلى قسمين، هما:
العوامل المؤثرة في كمية الإشعاع الشمسي الواصل إلى الأرض:
ثانياً: درجة حرارة الغلاف الجوي:
- التوصيل الحراري (التلامس): حيث تنتقل الحرارة من سطح الأرض وما عليه من أجسام إلى الهواء الملامس لها، وهذا يحدث في النهار والساعات الأولى من الليل، أما في أواخر الليل فإن سطح الأرض يبرد، فتنتقل إليه الحرارة من طبقة الهواء الملامسة له؛ مما يؤدي إلى انخفاض حرارة الهواء.
- عملية الحمل الحراري: تحدث عندما يسخن الهواء الملامس لسطح الأرض فيرتفع إلى أعلى على شكل تيارات هوائية صاعدة تحمل معها الحرارة، أو على شكل تيارات هوائية أفقية؛ بفعل اختلاف الحرارة والضغط الجوي بين منطقتين.
- عملية فقدان الحرارة الكامنة في بخار الماء: عندما يتبخر الماء فإنه يكتسب طاقة حرارية، وعندما يصعد إلى أعلى يتكاثف ويفقد طاقته الحرارية التي اكتسبها عند التبخر؛ مما يؤدي إلى رفع درجة حرارة الغلاف الجوي.
- التسخين الذاتي للهواء: يحدث عند هبوط الهواء من المستويات العليا إلى السفلى؛ مما يؤدي إلى احتكاك وتضاغط لجزيئات الهواء؛ فيقل حجمه، وترتفع حرارته. ومن ظواهر التسخين الذاتي للهواء ما يحدث في منطقة الأغوار الفلسطينية، فعندما تهب الرياح الغربية من البحر المتوسط، وتصطدم بالمرتفعات الجبلية الوسطى فترتفع إلى أعلى، وتفقد حمولتها من بخار الماء وتصبح أقل رطوبة، ثم تهبط إلى منطقة الأغوار الفلسطينية، وأثناء هبوطها يحدث تضاغط واحتكاك بين جزيئات الهواء؛ مما يرفع من درجة حرارته.
العوامل المؤثرة في اختلاف درجات الحرارة على سطح الأرض:
1) موقع المكان بالنسبة لدوائر العرض: فاختلاف مواقع الأماكن بالنسبة لدوائر العرض له علاقة بزاوية سقوط أشعة الشمس؛ مما يترتب عليه تباين في درجات الحرارة على سطح الأرض، وبناء على ذلك، تم تقسيم سطح الأرض إلى مناطق حرارية، هي:
- المنطقة الاستوائية: تمتد بين دائرتي عرض (0 ˚- 5 ˚) شمال خط الاستواء وجنوبه. ويبلغ معدل درجة الحرارة السنوية فيها 22 ˚ م طوال العام.
- المنطقة المدارية: تمتد بين دائرتي عرض (5 ˚- 23.5 ˚) شمال خط الاستواء وجنوبه، ويبلغ معدل درجة الحرارة السنوية فيها 25˚ م.
- المنطقة المعتدلة: تمتد بين درجتي عرض (23.5˚ - 66.5˚) شمال خط الاستواء وجنوبه، ويبلغ معدل درجات الحرارة السنوي فيها 17 ˚ م.
- المنطقة الباردة القطبية: تمتد بين دائرتي عرض (66.5 ˚ - 90 ˚) شمال خط الاستواء وجنوبه، وتتميز بالبرودة الشديدة، وتميل إلى التجمد كلما اقتربنا من دائرة عرض 90 ˚ شمال خط الاستواء وجنوبه.
3) الغطاء النباتي: يؤثر مدى كثافة الغطاء النباتي في درجة الحرارة على سطح الأرض؛ فالمناطق ذات الغطاء النباتي الكثيف يكون معدل درجة حرارتها أقل من المناطق ذات الغطاء النباتي غير الكثيف؛ لأن الغطاء النباتي يقلل من وصول الإشعاع الشمسي إلى سطح الأرض من جهة، ويرفع نسبة رطوبة الهواء بفعل عملية النتح من جهة أخرى، ونتيجة لذلك يعد الغطاء النباتي الكثيف في المناطق الاستوائية من العوامل التي جعلت معدل الحرارة السنوي فيها أقل رغم تلقها كمية كبيرة من الإشعاع الشمسي مقارنة مع المناطق المدارية ذات الغطاء النباتي الأقل كثافة، ما أسهم ذلك في رفع معدل حرارتها السنوي رغم تلقيها كمية إشعاع شمسي أقل.
4) اختلاف الحرارة النوعية بين اليابسة والماء: يقصد بالحرارة النوعية كمية الحرارة اللازمة لرفع درجة حرارة (1غم) من المادة درجة مئوية واحدة، وهي تختلف من مادة إلى أخرى. وبذلك تختلف درجات الحرارة على سطح الأرض تبعاً لاختلاف الحرارة النوعية لليابس والماء على النحو الآتي:
|
اليابس | الماء |
في النهار والصيف | حرارته أعلى؛ لأنه يكتسب الحرارة بشكل أسرع. | حرارته أقل؛ لأنه يكتسب الحرارة بشكل أبطأ. |
في الليل والشتاء | حرارته أقل؛ لأنه يفقد الحرارة بشكل أسرع. | حرارته أعلى؛ لأنه يفقد الحرارة بشكل أبطأ. |
ثالثاً: الضغط الجوي:
ينجم عن الغلاف الغازي الذي يحيط بالكرة الأرضية ضغطاً على سطحها، يعرف بالضغط الجوي، وهو وزن عمود الهواء الواقع على وحدة المساحة. ويبلغ الضغط الجوي عند مستوى سطح البحر وزن عمود من الزئبق ارتفاعه 76سم، ويعادل 1013 ميليبار. ويقاس بواسطة جهاز الباروميتر الزئبقي، أو الباروميتر المعدني.
العوامل المؤثرة في الضغط الجوي:
توزيع نطاقات الضغط الجوي على سطح الأرض:
رابعاً: الرياح وأنواعها:
تتحرك الرياح من مناطق الضغط الجوي المرتفع إلى مناطق الضغط الجوي المنخفض، وتنحرف الرياح إلى يمين اتجاهها في نصف الكرة الشمالي، وإلى يسار اتجاهها في نصف الكرة الجنوبي (قوة كوروليوس) بسبب دوران الأرض حول نفسها. ويتم تحديد اتجاه الرياح من الجهة التي تهب منها، فمثلاً إذا هبت من الغرب تسمى رياحاً غربية وهكذا. كما تختلف أنواع الرياح، فمنها الرياح الدائمة، والموسمية، والمحلية، واليومية.
أنواع الرياح:
1) الرياح الدائمة: الرياح الدائمة تهب بشكل دائم ومنتظم، وتشمل:
- الرياح التجارية: تهب من مناطق الضغط الجوي المرتفع وراء المدارين، باتجاه منطقة الركود الاستوائي، وسميت بهذا الاسم؛ لأنها كانت تساعد في دفع السف الشراعية التجارية. وتكون شمالية شرقية في نصف الكرة الشمالي، وجنوبية شرقية في نصف الكرة الجنوبي.
- الرياح الغربية (العكسية): تهب من مناطق الضغط الجوي المرتفع فيما وراء المدارين، باتجاه نطاق الضغط الجوي المنخفض في المناطق المعتدلة وشبه القطبية، وهي جنوبية غربية في نصف الكرة الشمالي، وشمالية غربية في نصف الكرة الجنوبي.
- الرياح القطبية: تهب من المناطق القطبية ذات الضغط الجوي المرتفع، نحو المناطق شبه القطبية، والمناطق المعتدلة ذات الضغط الجوب المنخفض. وهي ذات اتجاه شمالي شرقي في نصف الكرة الشمالي، وجنوبي شرقي في نصف الكرة الجنوبي، وتتسم بالجفاف والبرودة.
- الرياح الموسمية الشتوية الجافة: تهب من اليابسة ذات الضغط الجوي المرتفع إلى المسطحات المائية ذات الضغط الجوي المنخفض.
- الرياح الموسمية الصيفية الماطرة: تهب صيفاً من المسطحات المائية ذات الضغط الجوي المرتفع باتجاه اليابسة ذات الضغط الجوي المنخفض. وتسبب أمطار غزيرة.
4) الرياح اليومية: تحدث الرياح اليومية على مدار اليوم بشكل منتظم، بفعل تباين الحرارة والضغط الجوي بين اليابسة والماء، أو بين الجبل والوادي أثناء الليل والنهار، وتتمثل الرياح اليومية في :
- نسيم البحر: هو نسمات من الرياح الرطبة المنعشة تهب من البحر إلى اليابسة نهاراً، بسبب ارتفاع حرارة اليابس وانخفاض ضغطه الجوي عليها، في المقابل تكون حرارة الماء منخفضة، والضغط الجوي عليها مرتفع. ويعمل نسيم البحر على تلطيف الحرارة في المناطق الساحلية.
- نسيم البر: هو نسمات من الرياح الجافة تهب من اليابسة إلى البحر ليلاً، بسبب انخفاض درجة حرارة اليابسة أكثر من الماء، فيرتفع عليه الضغط الجوي، أما فوق البحر فيتشكل عليه ضغط جوي منخفض. فتحب الرياح من اليابسة إلى البحر.
- نسيم الوادي: هو نسمات من الهواء التي تهب من المناطق المنخفضة والأودية نحو السفوح والقمم الجلية نهاراً. حيث يسخن الهواء الموجود على السفوح والقمم فيتمدد ويرتفع إلى أعلى؛ فتهب النسائم من الأودية نحو السفوح العليا والقمم لتحل محل الهواء الصاعد.
- نسيم الجبل: هو نسمات من الهواء تهب من قمم الجبال وسفوحها باتجاه المناطق المنخفضة والأودية ليلاً؛ بسبب انخفاض درجة حرارة السفوح والقمم الجبلية الناتجة عن ارتفاعها، وصغر مساحتها وانكشافها. فيهبط الهواء البارد من الأعالي إلى الأودية، ليحل محل الهواء الدافئ فيها.